الآيات الأولى من سورة البقرة تتحدث عن أصناف ثلاثة من البشر
المؤمنون وذكر الله بعض صفاتهم فى خمس آيات، والكافرون وذكرهم فى آيتين، و ذكر ختمه على حواسهم وقلوبهم فلا يصلهم الهدى، ثم الصنف الثالث وهم المنافقون ذكرهم الله فى 13 آية .
ويخيل إلي أن الله قد فصل فى ذكر هذه الطائفة لأنهم الأخطر، حيث إنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر عمدا، وقد يكون غفلة وجهلا.. فالنفاق درجات
وقد رأينا الكثيرين من المسلمين فى وسائل الإعلام وصفحات التواصل تنطق ألسنتهم بكلمات كفرية، ولا يعلم ألا الله ما وقر فى قلوبهم تحديدا.. هل هو كفر حقيقى أو إلحاد؟، هل هو الجهل بالعقيدة والمبادئ وثوابت الأحكام الإسلامية ؟، هل هى لحظات غفلة إيمانية أو انفعال وقتى ؟ الله أعلى وأعلم .
فليس من حقك أن تحكم على أحدهم أنه منافق.. فالقلوب لا يعلمها إلا المولى عز وجل، ولكنه جل وعلا ذكر لنا بعض سلوكياتهم والتى قد يقع فيها الكثير من المسلمين وهي :
-الإفساد فى الأرض مع إدعاء الصلاح:
قد يكون يعلم بفساده بالفعل ويظهر الصلاح خبثا ومكرا ودهاء، و قد يكون لا يشعر بالفعل أنه مفسد
أشعر بخوف شديد فى قلبى من هذا التعقيب ( ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون )، فقد تظن أن عملا ما هدفه الإصلاح وهو يفسد أكثر مما يصلح، وقد تظن أن كلماتك بهدف التطوير والتحسين ويكون عائدها سلبى ومدمر، وتحضرنى معها الآية الكريمة ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )
من أجل هذا جدد دوما نيتك.. راقب عملك .. ادع الله تعالى أن يصلح دوما عملك وكن على وجل من كلماتك وسلوكياتك، فإنك لا تدرى كيف يفهمها الآخرون وكيف تؤثر عليهم بشكل سلبى.
-الاستخفاف ونعت المؤمنين بالسفهاء والسخرية منهم:
نهانا ربنا عن الكبر ومن علاماته الاحتقار والاستخفاف بالآخرين، كما نهانا عن السخرية والاستهزاء بالآخرين، وقد عايشنا موجه عارمة من الاحتقار والاستخفاف والسخرية والاستهزاء لم أشهدها من قبل بين طرفى النزاع السياسى، حتى أص
بحت السخرية فنا بالكلمات والصور والفيديوهات، وأصبح لها برامج خاصة ملء السمع والبصر.. فى زمن ضاعت فيه الأخلاق ومبادئ احترام الآخر.
ولم يقتصر الأمر للأسف الشديد على جهلة المسلمين بل تعدى إلى علمائهم وقادتهم وأئمتهم، وظهر هذا الفساد فى كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، وكأنه أمر واقع.
لقد وقعنا جميعا فى هذا المستنقع.. لا تبرر لنفسك وقوعك فيه.. ولا تختلق الأعذار فإنه لن يفيدك، نحن نجنى الآن قلوبا تتحرق غضبا وحقدا وغلا وكرها بسبب هذه الموجات الساخرة المستفزة من كل الأطراف.
اعترف بما وقعت فيه من سخرية واستخفاف واستغفر ربك فى أيام المغفرة، وبادر بالاعتذار ممن سخرت منه.. فإنك لا تدرى أثر كلماتك عليه، ففى الحديث : (إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)
عافانا الله وإياكم.
- ذو الوجهين :
الذى يأتى القوم فيقول أنا معكم ومتفق معكم ويخوض معهم فى كل سلوكياتهم السلبية، ثم يأتى الآخرين فيقول أنا معكم أيضا ومتفق معكم ويخوض معهم فى السخرية والاستخفاف، للأسف لا يفرق الناس بين المنافق ذو الوجهين ومن يقف على الحياد فى منطقة الوسط من الطرفين .
فالمنافق ذو الوجهين يوافق الطرفين على أفعالهما ويندمج معهما فى سلوكياتهم ومواقفهم، حتى وإن كانت سلبية، أما المحايد فهو يقول لكلا الطرفين أنا اتفق معكم فى كذا وكذا وأخالفكم فى كذا وكذا.. أحسنتم إن فعلتم كذا وأسأتم إن فعلتم كذا، هؤلاء هم صوت الضمير المتحيزون للمبدأ دون الأشخاص والأحزاب والهيئات.
نسأل المولى عز وجل أن يغفر لنا زلاتنا ويتجاوز عن خطايانا.. وأن يصلح سبحانه أعمالنا ولا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
0 التعليقات: